مفهوم العنف :
العنف لغة :
العُنْف الخُرْقُ بالأَمر وقلّة الرِّفْق به , وهو ضد الرفق . عَنُفَ به وعليه يَعْنُفُ عُنْفاً و عَنافة و أَعْنَفه و عَنَّفه تَعْنيفاً وهو عَنِيفٌ إذا لم يكن رَفيقاً في أَمره . و اعْتَنَفَ الأَمرَ : أَخذه بعُنف . وفي الحديث : إن اللّه تعالى يُعْطِي على الرِّفْق ما لا يُعطي على العنف ؛ هو , بالضم , الشدة والمَشَقّة , وكلُّ ما في الرفق من الخير ففي العنف من الشرّ مثله .
العنف اصطلاحا :
جاء في دباره [ 1990 م ، ص : 33 ] تعريف نقلا عن [ الطعان ] بأن العنف هو : " إكراه يستهدف الخصم بقصد إرغامه على تنفيذ إرادتنا "
ويقسم دباره [ 1990 م ، ص : 34 – 35 ] العنف إلى نوعين :
1. عنف مادي : ويتضمن أعمالا تصيب الإنسان في جسمه ، كالتعذيب والسجن والقتل والإبادة المنظمة ويتميز هذا النوع من العنف بأن الحديد والنار والدم والسوط هي وسائله الرئيسية .
2. عنف معنوي : فهي تتضمن أعمالا تصيب الإنسان في إرادته تفكيره ووعيه ، وقد برز هذا النوع من العنف مع تطور التقنية الحديثة التي تمخضت عن أشكال جديدة من العنف كاغتصاب الوعي ، وغسل الدماغ ، وخداع الأفكار ، وكبت الحريات وغيرها من أشكال العنف المسلط على الفكر .
ومن خلال التقسيمين السابقين فإن محور الحديث في هذا المبحث عن النوع الثاني من أنواع العنف وهو العنف المعنوي أو العنف الفكري ، العنف الذي يصادر الحريات ، عنف الاستبداد ، عنف الإقصاء ، عنف الوصاية ، عنف الكبت وعدم إعطاء الآخرين حرياتهم للتعبير عن آرائهم ، العنف الفكري الذي يسيطر على الإرادة ، ويعمي العقول ، ويغير القناعات والقيم والمبادئ .
صور العنف الفكري :
1. الاستهزاء بالمعتقدات والقيم والثوابت :
إن أقسى صور العنف الفكري ، هو الاستهزاء بالمعتقدات والقيم والثوابت ، فلكل أمة قيمها التي تؤمن بها ، ومعتقداتها التي لا تحيد عنها ، وثوابتها التي إليها ترجع ومنها تستمد قوتها وثقافتها ودستورها ، إن معتقدات الأمة الإسلامية تتمثل في الإيمان بالله وبالملائكة وبالرسل وبالكتب السماوية وباليوم الآخر وبالقدر خيره وشره ، ومن ثوابت الأمة القرآن الكريم ، وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم ، وأي هجوم عنيف وإساءة لهذه القيم والثوابت والمبادئ ، من شأنه أن يخلق العداء للطرف الآخر .
ويبرز الطلاع [ 1419 ، ص : 39 ] ذلك بقوله : " يعمل أعداء الأمة الإسلامية جاهدين على إبعادنا عن الإسلام وفصله عنا لأنهم يدركون تماما أن قوة الأمة تتمثل في عقيدتها الفذة " الإسلام " وذلك لأن الأمة لا تملك في الوقت الحاضر من أسباب القوة إلا هذه القوة العريضة الضاربة كلا كاملا وطبقته قلبا وقالبا "
إن عملية تدنيس القرآن الكريم التي حدثت أخيرا في معتقل جوانتنامو ، والهجوم الشرس على شخص الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم ، والهجمات المتتالية والمستمرة على الإسلام وثوابته وقيمه ، وعلى مقدساتها ومرجعياته الدينية ، هو أساس العنف الفكري ، بل أن العنف المادي سيكون نتيجة طبيعية تنتجها تلك الهجمات الفكرية العنيفة على الإسلام ، فلكل فعل رد فعل مساو له في المقدار ومضاد له في الاتجاه .
2 . الغزو الفكري والثقافي :
إن كان الاستعمار العسكري المسلح والهيمنة السياسية والاقتصادية هي صور من صور العنف في أبشع صورها ، فإن الغزو الفكري والثقافي ، استعمار لا يقل بشاعة وقسوة من الاستعمار المسلح ، ذلك أن هذا الاستعمار يحل فكر وثقافة مجتمع متقدم ، محل فكر وثقافة مجتمع نامي ، وتلك تساهم في إلغاء الهوية الثقافية للأمة المستعمرة ، وبالتالي تتصف بالإمعية والتبعية المقيتة .
يقول السديس [ 1425 هـ ] في خطبة الجمعة : " عنوان تقدم الأمم وفخارها، ومبعث أمنها وأمانها واستقرارها مرهون بسلامة عقول أفرادها، ونزاهة أفكار أبنائها، ومدى ارتباطهم بمكونات أصالتهم، وثوابت حضارتهم، وانتظام منظومتها العقدية والفكرية، ونوعيتها الثقافية والقيمية "
إن الغزو الفكري والثقافي عملية احتلال للفكر والعقل ، وخاصة ما يوجه من الغرب ضد الإسلام والعرب ، ومحاولة السيطرة على عقولهم وأفكارهم ، وتبعيتهم الفكرية والثقافية ، وقد كانت الأمم في السابق تعمل على تحصين أبنائها مما قد يسبب انحرافهم الفكري ، والأخلاقي ، والقيمي ، لكنها اليوم تقف عاجزة أمام هذا السيل الجارف من وسائل الغزو الثقافي وتعددها وتنوع مصادرها وسهولة وصولها إلى كل بيت وإلى كل عقل ... ومنها على سبيل المثال :
وسائل الإعلام والبث الفضائي :
و يعيش العالم اليوم وكأنه قرية واحدة.. فما يقع في أقصى الأرض من أحداث يتأثر بها من يعيش في أدناها.. وما يبتدع من لباس أو زينة أو عادة أو فكر أو عقيدة ينتقل في وقت قصير لتعم شرق الأرض وغربها، وذلك عبر وسائط ومنافذ لا يكاد يخلو منها قطر اليوم أو بلد.. فالمحطات الفضائية والتلفزيون والراديو، والشريط المسجل.. مرئياً ومسموعاً.. الصحيفة والكتاب والسياحة، والمؤتمرات العامة.. كل ذلك جعل الناس يتأثر بعضهم ببعض، وينقل بعضهم عن بعض.
لقد كانت وسائل الإعلام من إذاعة وصحافة وتلفاز من أول الوسائل التي استغلها أعداء الأمة في سبيل الغزو الفكري والثقافي للعالم العربي والإسلامي ، واليوم مع انتشار القنوات الفضائي بشتى صورها وبمختلف مجالاتها ، فقد أصبحت صناعة عالمية تسخر في تحقيق أهداف مختلفة تسخر لها جميع السبل والوسائل ... فمنها الفكرية ومنها الثقافية ، ومنها ما دون ذلك من تلك القنوات الفضائية التي تهدف إلى الانحلال الأخلاقي والقيمي في المجتمع ، وتلك التي تهدف إلى ترسيخ مبادئ وأفكار وثقافات مجتمعات قوية ... محل مبادئ وثقافات مجتمعات ضعيفة ..
إن السماء العربية .. مزدحمة بالكثير من الأقمار الصناعة التي توجهها القوى الغربية للمجتمع المسلم من أجل غزوه فكريا وثقافيا ، فقد وجهت الكثير من الهيئات العالمية الإعلامية منها والثقافية وغير الأخلاقية ذبذبات بثها نحو العرب . ومما زاد الأمر سوءا أن الكثير من رجال الأعمال العرب والمسلمين أخذوا زمام المبادرة فتملكوا قنوات تم توجيهها لمحاربة الإسلام ،فكثرت القنوات التي تخاطب الغرائز ، وتحرك الشهوات ، وتهاجم المعتقدات والثوابت ، يوجهها فكر علماني ليبرالي يسعى لتحرير المجتمع المسلم من رياض الخير والصلاح والفضيلة ، إلى معاقل الرذيلة والشهوات حتى يصبح المجتمع ضعيفا ممزقا ، يسهل اجتثاثه مع أول تحرك لرياح الاستعمار الثقافي والسياسي والاقتصادي .
الإنترنت والشبكة العنكبوتية :
إن التطور الذي شهده مجال المعلومات والاتصالات التكنولوجية في العصر الحاضر .. قد أظهر لنا جانبا من جوانب العنف الفكري ، على اعتبار أن الكثيرين يمكنهم استغلال تلك الوسائل ، بمجرد دخولها بيوتهم ، وهي بذلك وسائل سهلة ميسرة من جميع النواحي المادية وغيرها . ومن ذلك الإنترنت شبكة المعلومات العالمية .
تعريف الإنترنت :
يعرفه الخادمي (1425 هـ ، ص : 9 ) بأنه :
" مصطلح علمي ظهر في أواخر القرن العشرين الميلادي وأصل هذه الكلمة هو ( International net work ) وقد اختصرت في كلمة (Internet ) وهذه الكلمة باختصار يراد بها منظومة من الاتصالات الدولية عن طريق شبكة عالمية من الحاسبات الآلية المتصلة ببعضها "
وقد استطاع ممارسو العنف الفكري استغلالها من أجل بث سمومهم وأفكارهم وكل ما من شأنه تغيير ثقافة وهوية الأمة ، فاستغل في الترويج للأفلام الإباحية ، والصور الفاضحة ، وتضييع وقت الشباب في ما يسمى بغرف الدردشة والبالتوك وغيرها ، وأصبح الإنترنت رافدا قويا من روافد العنف الفكري ، فانتشرت المواقع المعادية ، والمنتديات المتطرفة وكذا المواقع الليبرالية ، والمنتديات المعارضة ، التي تمارس شتى أنوع العنف والتطرف والغلو في محاربة الدين والدولة ومحاولة الفصل بينهما بقدر الإمكان .
يقول السديس [ 1425 هـ ، الموقع السابق ] " لقد أوحت شبكات المعلومات للناظرين وكأن هذه الدنيا أصبحت هدفاً للفوضى الفكرية والأخلاقية ، ومسرحاً للضياع في مباءات الإغراءات والإباحية مما لا يحكمه دين ولا قيم ، ولا يضبطه خلق ولا مثل ، وقنوات أخرى لا تفتأ في إذكاء نار الفتنة بين الرعية والرعاة بدعوى الإصلاح زعموا ، وأخرى بدعوى الإثارة والبلبلة تدعو المأجورين إلى أن تكون منبراً لهم حيث لا منبر لهم . وهكذا منتديات الفضائح والمثالب والطعون والمعايب . "
ويرى الخادمي (1425 هـ ، ص : 16 ) : " أن أضرار الإنترنت تتوزع على مجالات الحياة المختلفة منها ما يؤثر على الفكر والدين والعقيدة ، ومنها ما يؤثر على الأخلاق والقيم ، ومنها ما يؤثر على الأمن ، وعلى الحالة الاقتصادية والتعليمية وغيرها .. حيث قال : " من أضراره الأضرار الدينية والعقدية ، وذلك بما يمكن أن تقوم به هذه الشبكة في زعزعة مبادئ الإسلام وعقيدته ، وفي التشكيك فيها ، وفي الترويج لما يضادها أو يعارضها وفي حمل عدد من المسلمين على ترك إسلامهم والإنسلاخ من عقيدتهم ، ومنها الأضرار الأخلاقية والقيمية ، وذلك باستخدام الشبكة في الدعوة للمخدرات والانحرافات الخلقية بمختلف مظاهرها "
ونحن إذ نتعرف على أضرار الإنترنت لا يمكن أن نغفل المنافع الكبيرة التي من الممكن أن نحصل عليها من الإنترنت في كافة المجالات والمناحي ، فقد يستخدم للدعوة ، ونشر مبادئ وتسامح الإسلام ، والتعريف بثقافتنا وأفكارنا ، من خلال المواقع التي توجه لهذا الأمر ، على أن يقوم عليها رجال فكر وثقافة من العلماء والمشايخ وأساتذة الجامعات والمربين والمربيات .. وقد يستفاد منه تجاريا واقتصاديا من خلال التسوق ومتابعة الأسهم وإنهاء المعاملات المالية بأيسر الطرق وأسهلها ، كذلك قد يستخدم في مجالات التربية والتعليم ، ويساهم في تطور تقنية التعليم ، وتوفير فرص للتعلم الذاتي والتعليم عن بعد . ومن منافعه تسهيل عملية الاتصال بين الأفراد والمؤسسات ، فيسر كل عسير ، وسهل كل صعب ، وقرب كل بعيد ..
3. الغلو والتطرف :
الغلو في اللغة : جاء في كامل [ 2002 م ، ص : 87 ] : " عرفه أهل اللغة بأنه مجاوزة الحد والتشدد والمبالغة "
وجاء في موقع [ مجلة المعرفة الإلكتروني ] " تدور الأحرف الأصلية لهذه الكلمة ومشتقاتها على معنى واحد يدل على مجاوزة الحد والقدر.
يقول ابن فارس ـ رحمه الله ـ: (الغين واللام والحرف المعتل أصل صحيح يدل على ارتفاع ومجاوزة قدر)
يقال غلا غلاء فهو غالٍ، وغلا في الأمر غلوًا أي: جاوز حده، وغلا القدر تغلي غليانًا، فالغلو: هو مجاوزة الحد .
تعريف الغلو اصطلاحًا:
قال شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ: ( الغلو: مجاوزة الحد بأن يزاد في الشيء في حمده أو ذمه على ما يستحق ونحو ذلك) ، وبنحو هذا التعريف عرفه الشيخ سليمان بن عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب رحمه الله .وعرف الحافظ ابن حجر ـ رحمه الله ـ الغلو بأنه: (المبالغة في الشيء والتشدد فيه بتجاوز الحد)
وقد جاء ذكر الغلو في القرآن الكريم بالنهي والذم ، لأن الغلو مجاوزة الحد في الدين أو في غيره قال تعالى :
يَا أَهْلَ الكِتَابِ لاَ [ النساء :تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلاَ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلاَّ الحَقَّ 171 ]
قُلْ يَا أَهْلَ الكِتَابِ لاَ تَغْلُوا فِي دِينِكُمْقال تعالى : غَيْرَ الحَقِّ وَلاَ تَتَّبِعُوا أَهْوَاءَ قَوْمٍ قَدْ ضَلُّوا مِن قَبْلُ [ المائدة : 77 ]وَأَضَلُّوا كَثِيراً وَضَلُّوا عَن سَوَاءِ السَّبِيلِ
وفي الأحاديث الشريفة جاء في مسند أحمد [ 1 / 215 ] : عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إياكم والغلو في الدين ، فإنما أهلك من كان قبلكم الغلو في الدين "
وجاء في مسند أبي داود [ 4 / 76 ] : عن أنس بن مالك رضي الله عنه ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول : " لا تشددوا على أنفسكم فيشدد الله عليكم ، فإن قوما شددوا على أنفسهم فشدد الله عليهم ، فتلك بقاياهم في الصوامع والديار رهبانية ابتدعوها ما كتبناها عليهم "
معنى التطرف :
لغة : تَطَرَّفَ يَتَطَرَّفُ تَطَرُّفاً : جاوز حدَّ الاعتدال، أي وصل إلى الطرف؛ معظم الشباب يتطرّفون في أحكامهم. -: أتى الطرفَ؛ تطرَّفت الشمسُ، أي دنت للغروب / تطرّف الشيءَ، أي أخذه من أطرافه / تطرَّف السائحُ هذه الحقيبة، أي وجدها طريفة.
اصطلاحا : عرفته المحارب [ 1425 هـ ، ص : 6 ] التطرف مرادف للغلو، ومعنى الغلو اصطلاحا: مجاوزة الحد، كما عرفه المناوي بأنه: مجاوزة الحد، والغلو في الدين: التصلب والتشدد فيه حتى مجاوزة الحد .
وبما أن الغلو والتطرف مترادفان فقد تم إدراجهما تحت عنوان واحد ، ويرى الباحث أن التطرف والغلو يأخذ جانبين :
جانب : وهو التطرف والتشدد في الدين . وتحريم ما أحل الله ، ورفض كل ما هو جديد ، وعدم التعايش مع الغير ، ومحاولة الانغلاق على النفس ، وعدم قبول الرأي الآخر والتعصب للأفكار .
وجانب : هو التطرف في التحرر اللا أخلاق ، ومحاولة فصل الدين عن الحياة ، التطرف في المناداة بتحرير المرأة ، وبرفض التدين ، خاصة أن تلك المطالبات وذلك التطرف يتم في مجتمع متدين محافظ .
4. التعصب للرأي :
إن التعصب للرأي من أول دلائل العنف الفكري ، وهو ممارسة إلغاء الآخرين ، والحجر على آراء مخالفيه ، وإقصاءهم وإقصاء أفكارهم ، ويزداد الأمر خطورة كما قال كامل [ 2002 م ، ص : 91 ] : حين يريد فرض الرأي على الآخرين بالقوة ، والغلبة عن طريق الاتهام بالابتداع أو بالتكفير والمروق وهذا العنف الفكري أشد تخويفا من العنف الحسي "
والمتعصب أناني ، متوحد الفكر ، ظالم لنفسه وللآخرين ، معاديا للحق ، لا يغلب لغة العقل ، محجوب البصر ، غير نافذ البصيرة .
5. تكوين الأحزاب والجماعات :
من صور العنف الفكري ، تكوين الأحزاب والجماعات من مجموعة من الأفراد يتفقون في الفكر والتوجه ، لا يقبلون النقد ، ولا يرون الحق إلا في منهجهم وفكرهم ، فتجدهم يوجهون حملات شرسة وعنيفة على مخالفيهم ، قد يصفونهم بأبشع الصفات ، ويجردونهم من دينهم ومن وإيمانهم وعقيدتهم .
6. الاستبداد :
جاء في الكواكبي [ 1423 هـ ، ص : 23 ] : " أن الاستبداد لغة هو غرور المرء برأيه والأنفة عن قبول النصيحة ، أو الاستقلال في الرأي وفي الحقوق المشتركة " .
والمستبد : يتحكم في شؤون الناس بإرادته لا بإرادتهم ويحكم بهواه لا بشريعتهم ، وهو عدو للحق ، عدو الحرية وقاتلها ، وهو مستعد للشر .
ويقول الكواكبي [ 1423 هـ ، ص : 28 ] : " من أقبح أنواع الاستبداد : استبداد الجهل على العلم ، واستبداد النفس على العقل "
ومن وجهة نظر الباحث يرى أن الاستبداد لا يكون إلا من قوي على ضعيف ، أو من رئيس على مرؤوس ، أو من الأعلى على الأدنى ، أو من الأب على الابن ، أو من المعلم على الطالب .. وهدف الاستبداد إسكات كل صوت من شأنه أن يقول رأيا ، أو يطرح فكرة ، أو يناقش سلبية ، أو يخبر عن مشكلة ، وطريقة الإسكات تكون إما باستخدام السلطة أو الصلاحية ، وربما تكون باستخدام القوة الجبرية والعنف المادي .
تعددت صور العنف الفكري ، ولكل صورة أسبابها ومسبباتها ، ومواجهة العنف الفكري تحتاج إلى جهود متواصلة ومستمرة ومتظافرة ومتعاونة كل فيما يخصه من جميع الجهات التي لها علاقة بالتربية والثقافة في المسجد والمدرسة والأسرة ووسائل الإعلام والمؤتمرات والندوات وغيرها ، وسيعرض الباحث للحلول من خلال مبحث الأمن الفكري الذي سيحاول الباحث من خلاله أن يجد حلولا عملية وواقعية للعنف الفكري ..