أولى الجماعات ذات التأثير المباشر في حياة الصغار تعرف بالجماعة الوثقى حيث تكون الأم هي الأساس في إيجاد هذه الجماعة وحيث تكون رعاية الأم للصغير من النواحي الجسمية والنفسية ذات أثر كبير في حياته الانفعالية والاجتماعية فيما بعد.
ثم تتطور العلاقة بعد ذلك إلى الجماعة الأولية primary Group والتي تتمثل في علاقة الصغار بأفراد الأسرة والجوار.
ثم تتطور العلاقة بعد ذلك إلى الجماعة الوسطى Intermidate Gropu والتي تنشأ من علاقة الصغير بزملائه في المدرسة التي يبدأ تعليمه فيها.
ثم تنتهي العلاقة بعد ذلك بالجماعة الثانوية Secondary Group والتي تنشأ من العلاقة التي تحدثها المدرسة والمجتمع في الأبناء عندما يدخلون إلى المدرسة الثانوية والتعليم العالي والمجتمع الذي يعمل فيه الأبناء عند تخرجهم إلى الحياة.
تربية الصغار:
يعنينا أن نوضح كيف يتحول الصغير إلى مواطن عندما ينشأ في وسط اجتماعي، والمواطن هو الإنسان الاجتماعي الذي يخضع للنظام الاجتماعي القائم والذي يصبح عضواً فيه يشارك في النشاط الاجتماعي على مستوى الأسرة والمجتمع ويمارس حقوقه وواجباته.
والتربية هنا تعرف بالتنشئة الاجتماعية للصغار ليصبحوا راشدين، قادرين على المساهمة في أنشطة المجتمع الذي ينتمون إليه، وهذه العملية تعرف بالتطبيع الاجتماعي أو التعلم الاجتماعي.
التنشئة الاجتماعية Socialzation
وهي العملية التي تهدف إلى التعليم الاجتماعي Social Learing والتي تقوم على إكساب الأفراد الصفات الاجتماعية أي العادات الاجتماعية المقبولة وذلك عن طريق التدريب المستمر في مراحل العمر المختلفة، وقد يحدث عند اختلاف البيئة المادية والاجتماعية التي ينشأ فيها الآباء عن تلك التي يعيش فيها الأبناء، قد يحدث عن هذا الاختلاف صراع ومشاكل، نتيجة لاختلاف العادات والتقاليد.
فطفل البادية أو القرية عندما ينتقل إلى المجتمعات الحديثة في المدن، تختلف ظروف تنشئته الاجتماعية عن الظروف التي ينشأ عليها والداه، ويترتب على ذلك إما تباعد أو تقارب بين جيل الآباء وجيل الأبناء، وتختلف أساليب التدريب في التنشئة الاجتماعية من الإفراط والمغالاة إلى التراخي والتهاون في التنشئة.
والتراخي والتهاون من شأنهما إتاحة الفرص أمام الصغير إلى تجاوز الحدود الواجبة وعدم مراعاة مشاعر الكبار، وكثرة مطالبه والإصرار على تحقيقها رغم ما قد يكون في تحقيقها من أضرار بالصغير وأفراد مجتمعه وفي هذا ما يؤدي إلى العدوانية.
والإفراط والمغالاة من شأنهما تقييد حدود وحرية الفرد بالالتزامات والحدود الاجتماعية،وفي هذا الإفراط ما يعيق الصغير من حرية التصرف في مواجهة مشاكل الحياة، ومن قلة الفرص المتاحة لخصوبة وأصالة التفكير والابتكار وما قد يتبع ذلك من الجمود والتكاسل عن تحمل التبعات، وفي هذه الوسائل كلها ما يؤدي إلى التبعية والخضوع.
سلوك الآباء في التنشئة الاجتماعية
ذكرنا أن التراخي والتهاون في تنشئة الصغار من شأنهما ظهور سمات العدوانية بينهم، بينما الإفراط والمغالاة في التنشئة الاجتماعية من شأنها اتسام الأبناء بالتبعية والخضوع.
وسمات العدوانية والتبعية ليس بالضرورة أن تكون السمات السائدة في حياة الفرد- فقد يكون الفرد سلوكه يتسم بالعدوانية في حياته العائلية بينما مع رفاقه وفي حياته العملية مسالماً.
وقد يكون الفرد مفرطا في سلوكه مع مرؤوسيه، بينما هو في ذات الوقت ينصاع ويخضع ويتبع الأوامر في سلوكه مع رؤسائه.
وبذلك ليس بالضرورة في سمات البشر، أن تكون التبعية والعدوانية هي السمات الظاهرة، بل قد تظهر التبعية والعدوانية في المواقف الاجتماعية المحدودة، أو في كل أو أعم المواقف الاجتماعية التي يعيشها الفرد، كما أنه علينا أن نشير إلى أن الأفراد الذين يتسم سلوكهم-كله- بالعدوانية أو التبعية- إنما يعتبر ذلك حالات مرضية شاذة أو ما يعرف بالانحرافات نتيجة لما سبق ذكره من التراخي أو الإفراط في التنشئة الاجتماعية.
ومما لا شك فيه أن التربية من خلال الأسرة تؤدي إلى هذه الانحرافات السلوكية، فالعدوانية Aggressiveness ترتبط بالبيئة الأسرية ارتباطاً كبيراً إذ أن الآباء ووسائلهم في التنشئة للصغار، هي التي تسبب ظهور العدوانية عند الصغار حيث